توعَّدوا بأن لا تهدَأَ العاصفةُ حتى ينجزوا المهمَّةَ ويجتاحوا اليمن في سبعةِ أَيَّـام حُسُوماً على الأقل، فإذا بهم اليومَ وبعد ما يقاربُ السبعَ سنواتٍ من المحاولات البائسة وخيبةِ الأمل يناشدون العالَمَ كُلَّه التدخُّلَ والتوسُّطَ لدى هؤلاء اليمنيين بالجنوح للسلم والجلوس على طاولة المفاوضات!
تعهَّدوا أنهم لن يوقفوا القصفَ أَو يرفعوا الحصارَ أَو يفتحوا المطاراتِ والموانئَ “حتى يسلِّمَ لهم الحوثي نفسَه ورقبتَه طوعاً أَو كرهاً”، فإذا بهم اليومَ وبعدَ أكثرَ من ألفين ومِئتي يومٍ من ذلك التهديد والوعيد يتوسلون الشعب اليمني أن يعتقَ رقابَهم ورقابَ أوطانهم من هذا المأزق الذي أوقعوا أنفسَهم فيه!
ما هذا الغباء؟!
في الحقيقة لقد كان على هؤلاء السعوديّين أن يستفيدوا من تجربةٍ سابقةٍ لهم مع أنصار الله (وقد كانوا يومئذٍ قلة) وكيف أن هؤلاء (القلة) الذين لم يتردّدوا للحظةٍ واحدةٍ يومها في اجتياح مواقعَ عسكرية سعوديّة استراتيجية، كيف أنهم قد هُزموهم شرَّ هزيمةٍ ولقنوهم درساً ما كان ينبغي لهم ولأمثالهم صراحةً أن ينسوه!
لكنهم ركبوا حماقتَهم واعتلاهم الغرورُ ذاتُه وعاودوا الكَرَّةَ من جديد، ليس على الحوثيين هذه المرة فحسب، ولكن على الشعب اليمني العظيم!
لقد ظنوا في الحقيقة أنهم بتحالفِ أكثرَ من سبعَ عشرةَ دولةً سيكونون قادرين على فعل ما لم يقدروا على فعله من قبل في ٢٠٠٩، وأعلنوا العاصفة!
أعلنوها عاصفةً مزمجرةً لا تُبقي ولا تذر، استحضروا خلالها فتوحاتِ بن سلمان في بلاد البلايستايشن وأدغال البوبجي وبطولاتِ بن زايد وغزواتِه المظفَّرة الكبرى للظفر بأجمل نعجةٍ والفوزِ بأحلى ناقة، وكذلك عنتريات العسيري والمالكي وشطحات الشليمي وضاحي الخلفان وغيرهم من صناديد وكباش هذا الصنف من العرب!
نعم.. استحضروا كُـلَّ أُولئك مجتمعين، علَّهم بذلك يكسرون شوكةَ اليمنيين أَو هكذا ظنوا!
يا للهول.. ما هذه العاصفة!
وما حيلةُ هؤلاء المستضعفين والمظلومين للوقوف في وجهها ودفعها عنهم؟!
أو هكذا اعتقد العالَمُ كُلُّهُ في حينه!
فكيف أمسى خبرُ هذه العاصفة يا ترى؟!
لا شك أن أكثرَ من ست سنواتٍ من الصمودِ اليماني الأُسطوري كفيلٌ بالإجَابَة عن هذا السؤال.
يكفي أن تعرفوا فقط أن هذه العاصفةَ قد أصبحت اليومَ تجرجرُ أذيالَها جيئةً وذهاباً بين الرياض ومسقط، لا لشيءٍ سوى البحث عن قَعْــرٍ سحيق لها هناك في مزابل التاريخ تأوي إليه.