ذكر الله سبحانه وتعالى عن اليهود توجههم للتفريق، يستخدمون سياسة التفريق، أليسوا هم من يستخدمون الفُرْقة المذهبية؟ يعززون الفرقة المذهبية التي بين المذاهب؟ هم كما يقال وراء تأسيس عدة طوائف (الوهابية) في الحجاز، و(البهائية) في إيران قديماً، و(القاديانية) في الهند وفي باكستان، عدة طوائف هم أسسوها.
وانظر كيف كانت الطائفة الوهابية تتحرك في الدنيا كلها، ألم يكونوا يتحركون في الدنيا كلها؟ بكل هدوء، وبمعنويات مرتفعة، ولا يخافون شيئاً؛ ممن سيخافون؟ هم لا يخافون أمريكا، ولا يخافون أحـداً، هم من جندوهم، تحركوا في الحجاز، وفي اليمن، وفي باكستان، وفي الجزائر، وفي مصر، وفي مناطق كثيرة.
الفُرقة المذهبية، أي: تفرق المسلمين سواء كانوا بشكل مذاهب، أو تفرق أبناء المذهب الواحـد، هي قضية خطيرة جداً، ومظهر ضعف، لا يمكن لأمة على هذا النحو أن تعمل شيئاً لدينها، ولا لنفسها، ولكن لأننا أيضاً لا نفكر في الخروج من هذه الوضعية، لا تزال مدارسنا تنتج الثقافة المفرقة، أليس كذلك؟ في حلقات العلـم، في المساجـد، وفي الهِجَر، وفي الجامعات، وفي المعاهد.
أليسوا يدرسون (أصول الفقه) ويدرسون أشياء كثيرة مما تساعد على أن ينشأ الناس متفرقين من جديد؟ فيظل باب الفُرقة مفتوحـاً على مصراعيه، وإذا ما أحد جاء ليعالج المسألة وقال: (يجب أن نتوحد) أيضاً قدَّم معالجة ناقصة، أن يكون التوحد هو هكذا على ما نحن عليه، نتوحد على ما نحن عليه، وكل ناس على مذهبهم، وتجتمع كلمتنا جميعاً، ونضرِب أعداء الله جميعاً! يظن هؤلاء أن المسألة ممكنة على هذا النحو، وهي غير ممكنة، لا تتأتى.
قضية الوحدة، وحدة المسلمين، وحدة المؤمنين هي مبدأ من مبادئ دين الله المهمة، وإذا كان هناك أيُّ مبدأ من مبادئ دين الله، أو أيُّ تشريع من تشريعاته فهو الذي يرسم طريقة أدائه، أليس كذلك؟ هذا هو التشريع، هو الذي يرسم طريقة أدائه، وكيف يمكن أن يتم، وكيف نؤديه نحن.
لم يقل لنا توحـدوا هكذا! بل رسم الطريقة التي على أساسها يكون توحدنا، وهي طريقة تختلف اختلافاً كبيراً عن مسألة أن بالإمكان أن تبقى هذه المذاهب على ما هي عليه، ويجتمعوا جميعاً، وكل واحد على ما هو عليه، وكل واحـد على مذهبه ضد أعداء الإسلام!
الواقع شهد بأن وحدة من هذا النوع غير ممكنة، وإذا كانت ممكنة أليس في هذه الأحـداث ما يجعلها واقعة لو كانت ممكنة؟ أو قلنا ممكنة فمتى يمكن أن يتوحدوا؟
الوحدة المطلوبة من عباد الله هي وحدة إيمانية تقوم على منهج واحد، وخط واحد، وقيادة واحدة، الله سبحانه وتعالى قال في القرآن الكريم: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا} (آل عمران: 103).
عملوا (منظمة المؤتمر الإسلامي) وفشلت أيضاً، وعملوا جامعة الدول العربية، ولم يكن لها أيُّ دور يُذكر، ولا أن نقول: ما دام أننا قد صرنا مذاهب متعددة فكل واحد على أصله، وننطلق جميعاً نتوحد! أليست هذه أيضاً فكرة مزاج؟ نفس الشيء، لا يمكن أن يتحقق.
الوحـدة، الله رسم طريقها باعتبارها مبدأً مهماً من مبادئ دينه، هو الذي حـدد كيف تكون، وتحت قيادة من، وعلى أساس ماذا، على أيِّ أساس تقوم، هو الذي رسم رسماً كاملاً لِمَا يؤدي بالمؤمنين إلى الوحدة.
ولاحِظوا أن الوحدة الإيمانية المطلوبة من قِبل الله سبحانه وتعالى من عباده هي نفسها المنسجمة مع فطرة كل واحد من المسلمين في الواقع، أن كل واحد في الواقع يعترف بأن أرقى توحـد يكون له تأثير فعلاً هو أن يكون الناس على منهج واحد، وكل واحد يعرف أنها مسألة مجاملة أو مسألة تلفيق أن نقول: (يتوحدون هم على ما هم عليه، وكل واحد يبقى على ما هو عليه) كل واحد يعترف أنها قضية تلفيق.
وأنها أيضاً لا تحظى أمة على هذا النحو متفرقة، لا تحظى بنصر إلهي أبداً، أبداً، لماذا؟ لأن المسلمين أساساً عندما يُطلَب منهم أن يتوحـدوا هو ليحملوا رسالة واحدة، يتوحدون لينشروا دين الله، ليعلوا كلمة الله، ينشرون هذا الدِّين في أوساط الأمم الأخرى، ودينه واحد.
عندما يتحرك أبناء هذه الأمة وهم عدة طوائف متفرقة، مذاهب متعددة، مختلفة في عقائدها، مختلفة في أحكامها الفقهية، في تشريعاتها، مختلفة في مواقفها، مختلفة في أعلامها، أليسوا هم من سيوصلون الدِّين إلى أيِّ بقعة أخرى بشكل مفرَّق؟
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
الوحدة الإيمانية
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
اليمن – صعدة